أحاول أن أكتب عن مولد عبد الله سيدنا عيسى عليه السلام

أحاول أن أكتب عن مولد عبد الله سيدنا عيسى عليه السلام
يقول الخالق عزَّ وجل:
{ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ )75) } سورة المائدة

{ إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِن الصَّالِحِينَ (46)قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ(47) } سورة ألـ عمران

{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا(16)فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17)قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا(18)قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا(20)قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا(21) } سورة مريم

دائماً تستوقفني سورة مريم في القرءان الكريم ، فما ورد فيها من ذكر ميلاد رسول الله سيدنا المسيح عيسى بن مريم كلمة الله التي ألقاها إلى السيدة العذراء مريم وروح منه ،يدل علي قدرة الخالق سبحانه ، فقد تفرَّد القرآن الكريم بذكر الآيات الكثيرة عن المسيح عليه السلام وعن أمه السيدة مريم عليهما السلام، وقد بحثت عن ذكر ميلاد سيدنا عيسي في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد فلم أجد إلا في بعض الأناجيل الغير قانونية ( الأبو كريفا)، بينما أنفرد القرءان الكريم في سورة مريم بذكر ميلاد سيدنا المسيح عيسي أبن العذراء مريم بنت عمران التي عاشت في منزل النبي زكريا بالتفصيل الموجز أو لنقل السهل الممتنع ، فقد أبرز القرءان الكريم سيرة سيدنا رسول الله عيسي بن مريم ( من أولي العزمِ من الأنبياء والرّسل ) من معجزة مولده وطفولته ورحلة حياته حتي معجزة رفعه إلي السماء .
.
لم يكن لبشري يد في ميلاد سيدنا عيسي ، وحملت أمه فيه وهي عذراء بأمر من الله وكلمته من دون أب من البشر، وإن كان قد سبق خلق أبو الأنبياء والمرسلين وأبو البشر أجمعين سيدنا آدم عليه السلام بدون تلاقي زوجين فقد كان أول البشر وخلقه الله سبحانه وتعالي من تراب : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) سورة آل عمران ومعجزة خلق أمنا السيدة حواء من ضلع سيدنا آدم عليه السلام أي من أب دون أم ، ثم خلقَنا جميعًا من ذكر وأنثى؛ قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى(13 ﴾ } سورة الحجرات
ينتظر اليهود حتي يومنا هذا قدوم الملك المسيح ( الماشيح) ليحكمهم ، وليقوم بإعادة بناء معبد سليمان ،وبهذا فهم لا يعترفون بأن سيدنا يسوع المسيح عيس بن مريم هو المسيح ( ينتظرون قدوم المسيخ الدجال) .
انتظروني لنستكمل مع بعضنا الحدث عن مولد وطفولة سيدنا عيسي عليه السلام .

الصفحة رقم (2)
الأنبياء هم أصحاب الشرف والرفعة وهم من أختارهم الخالق سبحانه وتعالي لينبئونا عن طريق الوحي بأوامره وبتصحيح ما أخطئنا فيه ، ومن الأنبياء رسل اصطفاهم ربهم وأرسلهم إلي قوم كافرين ليهدوهم للحق ، وأنزل عليهم كتاباً، قال الله تعالى: {وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ فَمِنهُم مَن هَدَى اللَّهُ وَمِنهُم مَن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ فَسيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ (36) } سورة النحل ،ونحن المسلمين لا نفرق بين أنبياء الله ورسله فكلهم أدوا الأمانة التي كلفوا بها { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285 )} سورة البقرة ، وقد نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الأنبياء فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تخيروا بين الأنبياء) ، وفي رواية): لا تخيروني بين الأنبياء (وفي رواية: (لا تفضلوا بين أنبياء الله ) ، والأحاديث الواردة عن النهي في التفضيل بين الأنبياء كثيرة .
والتفضيل يأتي من الخالق سبحانه وتعالي { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا (55)} سورة الإسراء ، وقال تعالى أيضا : { تِلْكَ الرُّسُل فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ(253 ) } سورة البقرة .
وقد أعلمنا الخالق سبحانه وتعالي بأن من الرسل رسل هم أولوا العزم ومنهم سيدنا عيسى عليه السلام قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ( 7) } سورة الأحزاب
وبدأت قصة سيدنا عيسي عليه السلام باصطفاء الله سبحانه وتعالي للسيدة مريم العذراء قال الله تعالى: { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)} سورة أل عمران ، ثم بشرتها الملائكة
بولادتها لمسيح عيسى عليه السلام قال الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ(45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46 )} سورة أل عمران
انتظروني مع الصفحة رقم 3

الصفحة رقم (3)
{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ(45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46 )} سورة أل عمران
ولنبتدئ بنذر السيدة الصالحة حنة بنت فاقوذا زوجة عمران التي كانت عاقراً، والنذر كان إن رزقها الله ولداً أن تتصدّق به ليكون في خدمة بيت المقدس ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) سورة آل عمران
استجاب لها الله سبحانه، فحملت السيدة حنا، توفي زوجها عمران، وعند الولادة علمت إن المولود أنثي ، وكانت تتمني أن تلد ذكر لتهبه لخدمة بيت المقدس رزقت بنتاً، فقالت: { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )(36) } سورة آل عمران ـ تقبل الله سبحانه وتعالي نذر السيدة حنا وجعله مباركاً حسن {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37 ) } سورة آل عمران
مات عمران قبل ولادة زوجته ، وكانت أمها السيدة حنة كبيرة في السن وقد تكون فقيرة ولا تستطيع تربية أبنتها كما تتمني فكفلها سيدنا زكريا عليه السلام زوج خالتها بتكليف من الخالق سبحانه وتعالي ، وكان سيدنا زكريا يتردد علي المكان الشرقي الذي تفرغت فيه السيدة مريم للعبادة معتزلة للناس ، فكان يجد أن الرزق عندها وفير فسألها عن مصدر الرزق وكان جوابها إنه من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
وفي خلوة السيدة مريم عليها السلام داخل مسجدها زارها رجل حسن الهيئة جميل الشكل تطمئن النفس لرؤيته ومع ذلك جزعت السيدة مريم واستعاذت بالله منه {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا(18) }سورة مريم
رد عليها سيدنا جبريل مطمئناً لها :{قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا( 19) }

لنتخيل السيدة مريم وهي عذراء لم يمسسها بشر وهي تبشر ببشارة ثقيلة مخالفة لنواميس الطبيعة وقوانينها بأنها ستلد ، ولنتخيل تعجب العذراء التي أحصنت فرجها ولم يمسسها بشر !! كيف يا رب ؟ ، كيف يكون لي ولد كيف وأنا عذراء لم يمسسني بشر ؟ كيف سأواجه الناس ؟ وإذا سألوني ماذا أقول لهم ؟ وهل سيصدقونني ؟ وما هو مصيري ،حتي وإن استشهدت بمعجزة ولادة خالتي اليصابات زوجة زكريا وهي كبيرة في السن فسيكون ردهم إن لديها زوج ). { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)} سورة مريم
دارت كل هذه الأسئلة وأكثر بعقل السيدة مريم ، ونطقت قائلة { قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20 ) } سورة مريم.
ولنعد للتصوير الرائع للحدث من سورة مريم
{اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا(18 )قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا(19 ) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا(20)قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا(21)} سورة مريم
انتظروني مع الصفحة رقم 4
الصفحة رقم (4)
النسب الشريف
نحن المسلمون نؤمن بأن سيدنا / عيسى عليه السلام من نسل طاهر وشريف ، وليس من نسل زنا كما ينسبه إليه اليهود ، حيث اتهموا مريم بأنها امرأة فاسقة وأنها لمست رجلاً غريباً من دون زواج .
والقرآن الكريم وحي الله ينفي عن جميع أنبياء الله النقائص
وإذا كان الخالق سبحانه وتعالي قد نبأنا بنسب سيدنا عيسي عليه السلام لأمه السيدة العذراء مريم التي وضعته بمعجزة بدون أب ، ونسبه في القرآن الكريم لعمران وهو من سلالة طيبة حيث نزه الله أجداده على جميع العالمين قال تعالي { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) } سورة مريم وفي سورة التحريم { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) سورة التحريم
وقد جعل سبحانه وتعالي سيدنا عيسي وأمه السيدة العذراء مريم آية: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا(21)} سورة مريم ،{وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً(50)} سورة المؤمنون، وكما خلق الله سبحانه وتعالي سيدنا آدم عليه السلام من غير أب أو أم، وخلق حواء من غير أم، خلق سيدنا عيسي عليه السلام من أم دون أب، فالآية للناس في إنْ يعلموا طلاقة قدرته تعالى في الخَلْق، وأنها غير خاضعة للأسباب، وليستْ عملية ميكانيكية، بل إرادة للخالق سبحانه أن يريد أو لا يريد.

وهنا فأنا لست في مجال المقارنة بين ما ورد في كتاب الله الخاتم القرآن الكريم وما ورد في الأناجيل عن النسب الشريف ، ولكنني من باب الأمانة أذكر ما جاء بالأناجيل عن النسب الشريف
فأليكم نسبه في بعض الأناجيل
- في إنجيل متي 1: 1 - 17بدء النسب بسيدنا خليل الله أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام منتهياً إلي يوسف بن يعقوب زوج السيدة مريم
- في إنجيل لوقا 3: 23-28، وهو النسب من مريم العذراء حسب أغلب التفسيرات بدء النسب بالله ثم سيدنا آدم منهياً بيوسف بن هاني
وقد تم شرح جدول النسب في قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية
شرح كلمة
جداول نسب الرب يسوع المسيح
ليس في العهد الجديد جدول نسب إلا لشخص واحد وهو الرب يسوع المسيح. وهذا النسب مذكور في إنجيلي متى ولوقا (مت 1: 1- 17 ولو 3: 23- 38). ولكن هناك شيء من الصعوبة في فهم جدوليهما. وهذه الصعوبة ناتجة عن عدم معرفة الجميع اصطلاحات اليهود القديمة في أمر الجداول النسبية. فإذا نظرنا إلى جدول متى منفردًا، دون التفات إلى جدول لوقا، نرى أنه ترك ثلاثة ملوك بينيورام وعزريا (انظر مت 1: . وهم أخزيا ويوآش وأمصّيا (انظر 2 مل 8: 25 و11: 2 و12: 21). وكذلك يهوياقيم الذي كان بين يوشيا ويكنيا (2 مل 23: 34). وهو متروك أيضًا (انظر اع 11). فإذا ذكرت هذه الأربعة يصير القسم الثاني ثمانية عشر جيلًا عوضًا عن أربعة عشر، وهذا يستوجب تكرار اسم داود أو اسم يكنيا. ومما هو جدير بالذكر أن جداول النسب عند العبرانيين لم تكن تذكر إلا الأشخاص الذين لهم أهمية يستحقون لأجلها أن يذكروا، فمثلًا انظر تك 46: 12 و15 و18 و21 و22 و25.
ثم إذا قابلنا جدول متى بجدول لوقا نجد فروقًا جمة فسرت تفاسير شتى. وهذه الفروق تبرهن استقلال كل من البشيرين عن الآخر في ما كتبه واعتماده على مصادر تختلف عن مصادر الآخر، ولكنها ليست اقل منها أهمية ووثوقًا. والجدولان متماثلان من إبراهيم حتى داود، ومنه يتبع متى تسلسل الفرع المالك من نسل داود بواسطةسليمان، ويتبع لوقا تسلسل الفرع الأصغر بواسطة ناتان بن داود. وقد ذكر لوقا 25 اسمًا بين داود وزربابل، أما متى فذكر خمسة عشر اسمًا فقط. وجميع الأسماء، ما عدا شألتئيل مختلفة في الجدول الواحد عن الآخر. وذكر لوقا 17 اسمًا بين زربابل ويوسف فذكر، أما متى تسعة فقط وجميعها تختلف عن تلك. وأهم فرق هو أن متى يقول عن يوسف أنه ابن يعقوب، بينما يقول لوقا أنه ابن هالي. ولا يمكن أن يكون ابنا للأثنين، ولا يحتمل أن يكون الاسمان اسمي شخص واحد. ولهذا قدمت الآراء الآتية تعليلًا لهذا الفرق.
(1) إن إحدى البشارتين تذكر النسب الشرعي والأخرى النسب الطبيعي. هذا هو التعليل القديم وهو يفرض حدوث زيجة واحدة أو أكثر في عائلة يوسف من نوع زواج الأخ بأرملة أخيه الأكبر المتوفي بلا عقب، فيحسب أولاد الزيجة الثانية حسب الشرع الموسوي، أولاد الزوج الأول، مع أنهما طبيعيًا أولاد الزوج الثاني أو الأخ الأصغر، فيحتمل أن يكون يعقوب وهالي أخوين شقيقين (أو غير شقيقين، أي من أم واحدة، ولكن من والدين مختلفين) تزوج أحدهم والدة يوسف، ثم توفي بلا عقب، فتزوجها أخوه فولدت له يوسف، فذكره لوقا كابن لهالي حسب الشريعة، مع أنه حسب التسلسل الطبيعي، وفي الحقيقة ابن يعقوب كما ورد في متى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). هذا هو الرأي القديم الذي لا يتمسك به اليوم إلا قليلون من اللاهوتيين.
(2) وهناك رأي آخر، وهو أن متى أثبت جدول نسبة يوسف الشرعية أو الملوكية، أما لوقا فذكر نسبة يوسف الشخصية. فيكون أحدهما قد أثبت سلسلة الوراثة لعهد داود وسليمان، والآخر جدول التسلسل الطبيعي بواسطة ناثان وأفراد من غير الفرع المالك، ولكن من فرع قريب. إلا أنه يعترض على هذا الرأي أنه لو كان الأمر كذلك، لما حق لمتى أن يستعمل كلمة ولد بين أسماء الأشخاص المذكورين في جدوله، لأن فرع سليمان الملوكي انتهى بيكنيا، الذي يبدو انه مات بلا عقب (ار 22: 30).
(3) أما التعليل الثالث فهو أن متى اثبت جدول نسب يوسف، ولوقا وجدول مريم. فكان هالي والد مريم وحما يوسف، وبذلك يكون جد يسوع. وحيث أن لوقا كتب إنجيله للأمم وغرضه أن برهن أن المسيح هو من نسل المرأة، فتبع نسب يسوع الطبيعي أو الحقيقي بواسطة أمه مريم في فرع ناثان، وقد بين ذلك في ملاحظته الاستدراكية إذ قال عن يسوع انه على ما يظن ابن يوسف (ولكن في الحقيقة) ابن هالي أو حفيده عن جانب الأم أو سبطه. وكان اليهود دائمًا يقولون عن مريم أنها ابنة "هالي". أما متى، الذي كتب إلى اليهود، فأثبت يسوع حسب الشريعة (وذلك دائمًا يتبع الذكور) بواسطة يوسف الذي نسب إليه حسب الشريعة في فرع سليمان.
انتظروني مع الصفحة الخامسة بإذن الله
الصفحة الخامسة
لنعد إلي سورة مريم
نحن الآن في مدينة بيت لحم في فلسطين وقد اتخذت السيدة مريم رضي الله عنها مكان شرقي من مكان تعبدها في تنفيذاً لنذر أمها السيدة حنة بنت فاقوذا زوجة عمران ً، والنذر كان إن رزقها الله بمولود فتهبه لله سبحانه وتعالي محرراً وقال العلماء أن المعني أن تتصدّق به ليكون في خدمة بيت المقدس ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) سورة آل عمران.
1. وعندما علمت إن المولود أنثي قالت: { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )(36) } سورة آل عمران ، عاشت السيدة مريم حياتها متعبدة في مكان شرق دارها أعتقد إنه في مكان كنيسة المهد في مدينة بيت لحم ، وقد اعتزلت أهلها ، وكان الناس يستبشرون بجهة شروق الشمس لأن الشرق يعني كل ما هو راقي وفيه الخير والبركة { إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ(5)} سورة الصافات
وأنا لست مع الرأي الذي يقول أن السيدة مريم عليها السلام كانت مسافرةً في صحراء بيت لحم عندما جاءها المخاض .
سبق وذكرنا ذهول السيدة العذراء مريم عليها السلام عندما تم تبشيرها بواسطة سيدنا جبريل إنها ستلد أبن {قالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا(19)} سورة مريم ، أي أن ما سيحدث لك أيتها العذراء هبة حقيقية من الله غير خاضعة للأسباب التكوينية ونواميس وقوانين الطبيعة ، وقوله سبحانه علي لسان سيدنا جبريل معناها مُنقَّى مُطهّر صافي الخِلْقة.
وكان جوابها { قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا(20)} سورة مريم.
وكان رد سيدنا جبريل علي سؤالها قاطع محدد{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا(21)} سورة مريم.
البشري للعذراء إن الله كرمها من بين جميع نساء العالم، وتم اختيارها ولمعجزة الولادة وهي عذراء لم يمسسها بشر وأن المولود ذو شأن عظيم لأنها ستضع ابن هو كلمة الله وأن أسمه سيكون المسيح عيسي ابن مريم وأنه سيكون نبيًا، لإيصال رسالة التوحيد والإيمان بالله والخضوع له لبني إسرائيل { وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ (49)} سورة أل عمران ، وأن الله سيُنَزِّلُ عليه كتاباً { وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46( } سورة المائدة.
ولما رأي سيدنا جبريل أن السيدة مريم ما زالت قلقلة طمأنها وأخبرها أن المولود سيتكلم وهو في المهد {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) } سورة أل عمران .
وهنا كرؤية خاصة بي تحتمل الصواب الخطأ أقول : أن سيدنا جبريل عليه السلام لم يكن وحده عندما نزل إلي السيدة مريم عليها السلام بل كان معه كوكبة من الملائكة حسب ما جاء بالآية (45) من سورة أل عمران ولكنه هو من تقدم إليها ، لذا استعاذت بالرحمن منه.
وعن تكلم سيدنا عيسي عليه السلام في المهد أنقل لكم ما جاء بنص إنجيل الطفولة العربي من الكتب المسماة بـ أناجيل الطفولة والآلام وهو من كتب الأبو كريفا التي تعتبرها الكنيسة غير قانونية .
54- نص إنجيل الطفولة العربي
وفيما يلي نص هذا الكتاب هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت:
(1) يسوع تكلَّم في المزود:
نجد في كتاب رئيس الكهنة يوسف في زمن يسوع المسيح (ويدعوه البعض قيافا)، حيث يقول أن يسوع تكلَّم حين كان موضوعًا في مزوده وقال لأٌمه السيدة مريم: أنا الذي ولدته، أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، كما أعلن لك الملاك جبرائيل، وأن أبي أرسلني لخلاص العالم.
أنتظر ونى مع الصفحة السادسة


الصفحة السادسة:
إذاً خلق سيدنا عيسي عليه السلام بكلمة الله وأمره { قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47) } سورة أل عمران.
أمر الخالق سبحانه وتعالي سيدنا جبريل أن ينفخ في جيب درع السيدة مريم العذراء ، وقيل أن الدرع هو رقبة الثوب وبإذن الله ولجت النفخة لرحمها قال تعالى{ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91)}سورة الأنبياء.
وقال تعالي : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ(66)} سورة التحريم
وكما هو معلوم فإن سيدنا جبريل من الملائكة أي من مخلوقات الله وقد أنعم المولي سبحانه وتعالي عليه بلقب روح الله ، كما لقب سيدنا موسي عليه السلام بكليم الله وسيدنا إبراهيم عليه السلام بخليل الله وسيدنا عيسي عليه السلام بكلمة الله وسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بحبيب الله { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) } سورة النبأ.
ولا ننسي أن سيدنا جبريل عليه السلام هو من نزل بالقرآن الكريم علي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ( 194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ( 195)} سورة الشعراء.
ويجب أن نعلم أننا جميعاً خلقنا من روح الله لأن الله سبحانه وتعالي نفخ من روحه في سيدنا آدم عليه السلام { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) } سورة ص، ومن الملائكة من يرسلون بالروح ومنهم من يأخذ الروح { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) } سورة النحل
{قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا(19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ( 20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)} سورة مريم
وعن فترة الحمل واختلاف المفسرين فيها فمنهم من قال أن مدة الحمل مثل أي حمل أي تسعة أشهر ومنهم من قال أربعين يوماً ، ولكنني مع الرأي القائل بأنها حملت فوضعت أي في نفس اللحظة فهو ليس مثل الحمل العادي الذي تحمل به النساء
انتظروني مع الصفحة السابعة
الصفحة السابعة
{فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ( 22) } سورة مريم علمت السيدة مريم العذراء إنها حملت بفعل نفخة سيدنا جبريل في درعها فاختارت أبعد مكان من مكان تعبدها وهو مكان مستور عن الأعين وجلست بجوار النخلة الموجودة بالمكان حتي جاءها المخاض{فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا(23)} سورة مريم
تذكرت السيدة العذراء مريم قومها وكيف ستواجههم ، وحتماً سيكون أمر حملها بدون أن يمسسها بشر أمر غريب وغير قابل للتصديق ، وعز عليها إنهم قد يتهمونها في شرفها وهي من سلالة طاهرة شريفة ، فتمنت الموت وتمنت لو لم تولد وأن أكون نسياً منسياً .
ظلت العذراء شاردة الذهن حائرة حتي سمعت صوت الوليد يأتيها من تحتها { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا(24) } سورة مريم ، وهناك رأي أن الذي نادها هو سيدنا جبريل ولكنني مع الرأي القائل بأن من نادها هو الوليد سيدنا عيسي ونبهها إلي أن تأكل من رطب النخل وأن تشرب من النهر الموجود بالمكان ( سريا معناها النهر أو الجدول الجاري الساري) فإتحاد الماء مع الرطب يزيد من الفائدة ويجعلها سهلة الامتصاص والمفعول.
وسبق أن أوردت ما ورد بأنجيل الطفولة العربي عن تكلم سيدنا عيسي عليه السلام في المهد وأعود لنقله.
54- نص إنجيل الطفولة العربي
وفيما يلي نص هذا الكتاب هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت:
(1) يسوع تكلَّم في المزود:
نجد في كتاب رئيس الكهنة يوسف في زمن يسوع المسيح (ويدعوه البعض قيافا)، حيث يقول أن يسوع تكلَّم حين كان موضوعًا في مزوده وقال لأٌمه السيدة مريم: أنا الذي ولدته، أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، كما أعلن لك الملاك جبرائيل، وأن أبي أرسلني لخلاص العالم.
الصفحة الثامنة والأخيرة
{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} سورة مريم ومعني جنياً أن تجنيه أي تجمعه بأيديها وهو رطب غير مخدوش أي ليس به عيوب
ظلت العذراء بالمكان القصي المستتر حتي تعافت وأنقطع نزيف الدماء الناتج عن الوضع
بفضل تناولها لرطب ( البلح الذي وصل لدرجة الترطيب ) .
جاء في موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة: ثمرة النخل الرطب تحوي مادة قابضة للأوعية الدموية وقابضة للرحم ، مخفضة لضغط الدم وتقوي عضلات الرحم وتقلل كمية النزف الحاصل بعد الولادة ، علاوة علي احتوائه للسعرات الحرارية وهي مصدر الطاقة .
أستمر حديث الوليد لأمه ونصيحته لها بالأكل والشرب ، وأن تصوم عن الكلام إذا قابلت الناس ، لأنه هو من سيكلمهم {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا(26)} سورة مريم

بعد أن تعافت السيدة العذراء مريم حملت أبنها وذهبت به إلي قومها { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)} سور مريم
كان الشيطان جاهزاً فسبق مريم لأهلها وأنبأهم أن من تظنون أنها لا تخطيء قد ارتكبت أكبر الأخطاء وولدت أبن بدون زواج ، تلقي القوم العذراء وأنكروا عليها ولادتها وأنها قد أتت خطأ عظيم ( فرياً) مع إنها من سلالة صالحة فهي من سلالة سيدنا هارون أخو سيدنا موسي عليهم السلام ، وسألوها : أنى لك هذا ؟ لم تحبهم فقد نذرت
للرحمن صوما ،وأشارت إلى ولدها تطلب منهم أن يسألوه ، أستغرب القوم كلام السيدة مريم فكيف يكلمون مولود صغير ما زال في مهده { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا(29(} سورة مريم تكلم المولود بمعجزة من عند الخالق سبحانه وتعالي ودافع عن أمه وأكد عفافها وأعلن لهم أنه نبي من عند الله بعثه بكتاب ورسالة { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ( 32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ( 33 ) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) } سورة مريم
تم بحمد الله